سر ارتباط تركيا بالقهوة

 



من المتعارف عليه عند ذهابك لتركيا وخصوصا اسطنبول هو الذهاب لتذوق القهوة التركية في أحد مقاهيها والاستمتاع بطعمها العجيب , الذي تغنى به الشعراء والأدباء عبر عصور التاريخ ,  و شراء البعض منها لأحبابك وأقاربك عند العودة من السفر بجانب البقلاوة طبعا , ذلك لأن القهوة أيقونة اشتهرت بها تركيا , رغم أنه للأن لاتوجد رواية واحدة تثبت أن تركيا هي مهد القهوة ومنبعها وأصل انتشارها في العالم  عكس تلك الروايات التي تشير أن أثيوبيا هي مهد القهوة حيث تم اكتشاف نباتاتها عن طريق الصدفة عبر راعي أغنام في احدى التلال هناك , وأن العرب في شبه الجزيرة العربية تحديدا في اليمن هم أصل شهرتها عبر انتقالها  إلى بلاد فارس وتركيا في القرن الخامس عشر قبل شهرتها في تركيا, مع هذا كله لم تمنع تلك الأقاويل والروايات احتفال العالم (بيوم القهوة التركية العالمية ) يوم 5 في كانون الثاني ,ذلك لأنها ادرجت في  (منظمة الميراث الثقافي) الغير ملموس التي أعدتها الأمم المتحدة للثقافة عام 2013 , وللقهوة نصيب من الموروثات والأمثلة الشعبية والفلوكلوريات  أيضا في تركيا مثل : (أن تقدم لي فنجان قهوة , معروف أحفظه لك أربعين عاما ) , وكذلك ( وحتى لو لم يكن بجانبنا أحد , تحضر القهوة لشخصين ) وتشتهر أيضا تركيا بجمال أشكال فناجين القهوة وسحر زخرفتها التي تسر الناظرين , وترجع تلك الزخرفة للعهد العثماني

 

فما السر ياترى وراء هذا الارتباط العجيب :

 

لنبدأ القصة من البداية : تحديدا لأيام الامبراطورية العثمانية , حيث أن هناك عدة روايات منها : أن هناك تاجرين قدموا من سوريا ومعهم حبوب البن وذلك عام  1554 م

 

أما الثانية : فهي عن حاكم  اليمن في عهد الامبراطورية العثمانية عندما جلب معه حبوب القهوة لقصر الوالي , وذلك كنوع من الهدية والتعبير عن المحبة والولاء , بعدها جرت عادة شرب القهوة لدى السلاطين, حيث تم إنشاء مقهى داخل القصر والاشراف عليه من قبل موظفين معنيين بشؤونه وأطلق عليهم (القهوجيين أو القهوجي باشا) , بعد ذلك انتشرت المقاهي في اسطنبول , حيث تم تسمية أحد الشوارع بإسم (شارع تحميص ) نسبة لشهرة الشارع ببيع القهوة وتقديمها وكيفية إعدادها من الألف للياء

 

وبفضل التجارة المزدهرة في تلك الفترة , انتشرت القهوة خارج حدود الدولة العثمانية  , حتى اشتهرت في بلدان أوروبا مثل روسيا التي وصلتها عبر تبادل السفراء فيما بينهما  أثناء فترة الهدنة الدبلوماسية  , وعند وصولها لهم لم يكن لها إسم , فأطلقوا الروس عليها اسم (تركا) نسبة لاستيرادها من الأتراك , ولازال الاسم موجودا حتى اليوم,

وكذلك للنمسا عندما تراجع العثمانيين عن حصار فيينا في عهد القائد (مصطفى باشا المرزيفوني ) مخلفين وراءهم أكياس القهوة التي استحوذ عليها أحد البولنديين من أصول يهودية ليفتتح هناك أول مقهى في أوروبا , حتى  أصبح الاقبال والطلب عليها كبيرين

 

و عبر عدة تسلسلات وأزمنة تحولت المقاهي في تركيا من منحصرة فقط على الرجال حتى أصبحت لعامة الناس , فمثلا في البداية كانت تقتصر على الرجال الغير متزوجين ومن ثم أصبحت مقرا رئيسيا لتجمع الأدباء والكتاب والساسة , فتحولت لساحات نقاش وأماكن للترفيه وللاجتماعات العامة والخاصة ولقراءة الكتب والروايات وآخر الأخبار

 

وذاع صيت القهوة التركية حتى اكتشف الأوروبيون طريقتهم الخاصة في تحميص وإعداد القهوة في القرن الثامن عشر , بعد عدة سنوات من استحواذ تركيا عليها

 

هذا تاريخها , تعالوا لنتعرف على بعض عادات الأتراك وسلوكياتهم مع القهوة :

هناك العديد من العادات التي ابتكرها الأتراك نتيجة أسباب معينة مثل :

 

1  تقديم كوب الماء مع القهوة وذلك لمعرفة إذا كان الضيف جائعا أم لا , فإذا شرب الماء قبل القهوة , هذا يعني أنه جائع ولابد من أن يتم تحضير سفرة الطعام له , وإذا شربها بعد القهوة فهذا يعني أنه غير جائع فيعرف المستضيف أن ضيفه شبعان , فلا يثقل عليه بالطعام

 

2  تقديم (الحلقوم ) مع القهوة لمعرفة ما إذا كان الضيف مسرور وراض أما لا , فإذا تناولها بعد القهوة هذا يعني أنه راض ومسرور وممتن بالضيافة وبأهلها , أما إذا لم يتناولها , فأنه على العكس :غير مسرور

 

3  عادة (قراءة الفنجان ) التي نشاهدها على التلفاز خصوصا في المسلسلات السورية والمصرية , هي عادة تم توارثها وتناقلها من الأتراك , فقد اشتهر بها أهل مدينة اسطنبول

 

4   يفضل الأتراك شرب القهوة واحتساءها في الصباح الباكر ووقت الظهيرة وفي بداية المساء

 

5  هناك عادة طريفة , لازالت متواجدة لليوم , ربما قد شاهدها البعض عن طريق المسلسلات التركية وهي تقديم فنجان القهوة المالح للشاب الذي يود خطبة الفتاة وأن يقوم باحتساء كامل الفنجان  دون أن تظهر عليه أي علامة من علامات النفور والعبوس

 

 

هذا بإختصار شديد عن علاقة تركيا بالقهوة وولع الأتراك بها .....


تعليقات

إرسال تعليق